عنوان المقال ما هو إلا دعاء ذكره القرآن الكريم في سورة إبراهيم حيث قال تعالي {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ } [ إبراهيم : 35 ] .
فهذا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء ومن أولي العزم من الرسل وهو الذي حطم الأصنام ومع كل ذلك يخاف إبراهيم - عليه السلام - الوقوع في الشرك فيدعو ربَّه أن يجنبه هو وبنيه عبادة الأصنام ، ومع هذا الدعاء لنا وقفات ووقفات لندرك حقيقة الدين وأن منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله في وادٍ ومناهج دعاة العصر في غالبها في وادٍ آخر من حيث سلم الأولويات ومن حيث فهم الغاية من إرسال الرسل ، فما هي حقيقة هذا الدعاء النبوي لأبي الأنبياء :
أولا ً : معني الصنم : تمثال من حجر أو خشب أو معدن يُعبد من دون الله أو مع الله وهو أي الصنم ما كان منحوتًا على صورة البشر ، والوثن ما كان على غير ذلك وقيل الصنم ما كان مصورًا على أي صورة والوثن بخلافه كالحجر والبنية وإن كان الوثن يطلق على الصنم .
ثانيًا : أصل عبادة الأصنام : روي البخاري بسنده عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالاً } [ نوح : 23-24 ] : " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ودّ فكانت كلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهُذَيل ، أما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير ، لآل ذي الكلاع ، أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا ، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبدت "
أي صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعده ، أما ودّ فكان صنمًا لقبيلة كلب وأما سواع فكانت صنمًا لقبيلة هزيل ... وهكذا.
ثم بين ابن عباس – رضي الله عنهما – أن أسماء تلك الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، ثم بين أصل اتخاذهم أصنامًا يعبدون مع الله بأن هؤلاء الرجال الصالحين من قوم نوح لما هلكوا أوحي الشيطان إلى قومهم أن ينصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا ويسموها بأسمائهم فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك واندرس علم تلك الصور بخصوصها ، وانتشر الجهل عُبدت تلك الأصنام .
من هنا ندرك أن أصل عبادة الأصنام غلو في الصالحين سببه الجهل ، فقوم نوح حينما نصبوا التماثيل لصالحيهم لم يعبدوهم في أول الأمر وإنما نصبوا تماثيلهم لتذكرهم بأعمالهم الصالحة فيجتهدون في عبادة الله ، ولما كان هذا الصنيع على خلاف المشروع ومع مرور الزمن وانتشار الجهل أوحي الشيطان لقوم نوح فيما بعد إنما نصبت هذه التماثيل لتُعبد فدعوها من دون الله واستسقوا بها واستشفعوا بها واستغاثوا بها وذبحوا لها القرابين زاعمين أنها تقربهم إلى الله زلفًا كما قال تعالي { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [ الزمر : 3 ] ، فمشركوا العرب لم يكن شركهم إنكار وجود الخالق وإنما كان شركهم اتخاذهم الأصنام التي ترمز للصالحين آلهة يعبدونها مع الله وسيلة لتقربهم إلى الله ، فاعتقدوا أنها تنفع وتضر وتسمع وتجيب وهذا هو حقيقة الشرك في البشرية وإلى قيام الساعة ، فإذا نظرنا إلى البشرية المعاصرة حيث ثورة العلوم المتنوعة وتفتح العقول على كل شئ متاح هل تغيرت صورة الشرك الأولي عن الشرك في هذا العصر ؟ في الحقيقة الشرك هو الشرك سواء صعد الإنسان للقمر أو للمريخ فدعاء غير الله منذ بزوغ الشرك على وجه الأرض في قوم نوح هو دعاء غير الله في عصر العولمة واختراق الفضاء فالشرك هو الشرك ، فلا زال هناك في البشرية من يعبد قبور الصالحين ويدعوها من دون الله ويذبح لها وينذر لها وهناك من يعبد أحجارًا وتماثيل وأوثانًا وصلبانًا ، وهناك من يعبد نبيًّا يدعوه من دون الله ويعتقد فيه نفعًا وضرًا ، فلم يغير عصر العلم والعولمة وعصر التقدم التكنولوجي من حقيقة الشرك بل لازالت الملايين في العالم بأسره لا تعرف حقيقة الشرك وبالتالي لا تعرف الإله الحق الذي يستحق أن يُعبد ، ولما كان الشرك هو أخطر ما يهدد البشرية وأقبح المنكرات على الإطلاق اجتهد الأنبياء والرسل في بيانه وتحذير أقوامهم منه لأن ما دون الشرك وإن عظم جرمه أهون عند الله من الشرك لذلك قال تعالي {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } [ النساء : 116 ] فإن تقررت هذه الحقيقة عُلم سبب دعاء إبراهيم – عليه السلام – وخوفه على نفسه وعلى بنيه من الوقوع في الشرك فدعى الله جل وعلا أن يجنبه وبنيه الوقوع في الشرك ظاهره وباطنه ، فهل تنبه أحد منا أن يدعو بدعاء أبي الأنبياء ؟ أم نحن أقوي من إبراهيم إيمانًا ؟ كلا بل إننا لم نفقه بعد فقه دعوة الأنبياء ولما ندرك بعد حقيقة الشرك وخطره ، فصرنا نأمن مكر الله ونأمن ما يخافه الأنبياء على أنفسهم وبنيهم ، فهذا أبو الأنبياء وخوفه من الشرك ، وهذا سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم كان أكثر دعائه" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " وكان يُعلم أصحابه أن يدعوا : " اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه " .
فإلى أصحاب القنوت في قيام الليل الذين حولوا الدعاء في القنوت إلى نشرة أخبار محلية أو عالمية بإيحاءات نفهمها ويفهمونها !! أسوق لهم دعاء أبي الأنبياء ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليدعوا به في قنوتهم .
يا قوم أي شئ أعظم خطرًا وشرًّا وقبحًا يطلب من الله النجاة منه من الشرك ؟ وأي شئ أقبح من تردد الآلاف والمئات على أعتاب البدوي والدسوقي والحسين والسيدة والمرسي ... الخ يدعونهم من دون الله فيطلبون مددًا من البدوي ويطلبون شفاءً من الحسين ... الخ أإله مع الله ؟!!
وإني لأتعجب من الغرائب التي يأتي بها البعض وإن كان بعضها صحيحًا ليشغل بها الناس وينعم بها إبليس لأنها تصرف الجهود عن مقاومة الشرك ومظاهره ، فيشغل الدعاة بتصريح وزير أو بحديث عن بول النبي صلى الله عليه وسلم أو ختان الإناث - وهو ثابت ندبًا وليس وجوبًا - ، بل ربما انشغل الدعاة بالسياسات الخارجية والتحليلات الاقتصادية ، والشرّ أقرب لأحدهم من شراك نعله !!
إنني أقف كثيرًا حول دعاء إبراهيم - عليه السلام - وأزداد دهشة وعجبًا وتساؤلا ً هل نحن أفقه من الأنبياء أم أن دعاة اليوم بهم خلل واضح وجهل كبير بأعالي الأمور وأصولها ؟!!
إنني على يقين أن الأنبياء أفقه ، لذا فإنني أستغرب من كتاب تحت يدي الآن وقد طبعته مؤسسة دار الشعب لأحد شيوخ الأزهر الراحلين وهو د. عبد الحليم محمود حينما ألف كتابًا عن السيد البدوي فكتب في ص 36 قائلا ً :
ولم أبتدئ في كتابة شئ من الكتاب حتى ذهبت متعمدًا إلى طنطا استأذن السيد في الكتابة عنه وفي المقصورة المباركة بدأت الكتابة وخططت الأسطر الأولي من الكتاب هناك أ.هـ
إذن صدق الله وصدق إبراهيم – عليه السلام – حينما قال فيما ذكره الله عنه في كتابه العزيز { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ إبراهيم : 35-36 ] .
وأنا هنا لا أنزل حكم الآيتين السابقتين على عين شيخ الأزهر السابق ، فالله أعلم بسرائره ومقصده ، وإن كان تصرفه تصرفًا شائنًا شرعًا ، وهذا الذي يعنيني ولا يعنيني الحكم على عين الناس .
فمن أي دليل استقي شيخ الأزهر السابق الدليل الشرعي على استئذان جيفة عظام رميم ، وكيف يتم الاستئذان ؟ وكيف سيكون الإذن ؟ وهل سبق شيخ الأزهر أحد من الأئمة الأعلام ففعل فعلته ؟ لقد جمع البخاري ومسلم والنسائي والترمزي وابن ماجه وأبو داوود والإمام أحمد والإمام مالك وغيرهم من أئمة الهدي أحاديث سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعنا أن أحدًا ذهب ليستأذن رسول الله في كتابة حديثه أو في كتابة شمائله ، وإذا كانت هذه عقلية بعض شيوخ الأزهر الكبار ، واحد يزعم أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وآخر ذهب ليستأذن من السيد البدوي في قبره فكيف ستكون عقول الطلاب ؟!! اللهم رحمة بنا وصبرًا لا ينفد ، وصدق الله إذ يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } [ الحج : 73 ] فالبدوي لا يسمع ولو سمع لا يستجيب ولا يأذن ولا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا ولو اجتمع كل أصحاب أضرحة مصر " المنكوبة ببعض أهلها " ليخلقوا ذبابًا ما استطاعوا وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يقدرون على استرداده ضعف البدوي والدسوقي والحسين والسيدة والمرسي ... وضعف الذباب وكذلك ضعف من دعاهم من دون الله .
فهذا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء ومن أولي العزم من الرسل وهو الذي حطم الأصنام ومع كل ذلك يخاف إبراهيم - عليه السلام - الوقوع في الشرك فيدعو ربَّه أن يجنبه هو وبنيه عبادة الأصنام ، ومع هذا الدعاء لنا وقفات ووقفات لندرك حقيقة الدين وأن منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله في وادٍ ومناهج دعاة العصر في غالبها في وادٍ آخر من حيث سلم الأولويات ومن حيث فهم الغاية من إرسال الرسل ، فما هي حقيقة هذا الدعاء النبوي لأبي الأنبياء :
أولا ً : معني الصنم : تمثال من حجر أو خشب أو معدن يُعبد من دون الله أو مع الله وهو أي الصنم ما كان منحوتًا على صورة البشر ، والوثن ما كان على غير ذلك وقيل الصنم ما كان مصورًا على أي صورة والوثن بخلافه كالحجر والبنية وإن كان الوثن يطلق على الصنم .
ثانيًا : أصل عبادة الأصنام : روي البخاري بسنده عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالاً } [ نوح : 23-24 ] : " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ودّ فكانت كلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهُذَيل ، أما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان وأما نسر فكانت لحمير ، لآل ذي الكلاع ، أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا ، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبدت "
أي صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعده ، أما ودّ فكان صنمًا لقبيلة كلب وأما سواع فكانت صنمًا لقبيلة هزيل ... وهكذا.
ثم بين ابن عباس – رضي الله عنهما – أن أسماء تلك الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، ثم بين أصل اتخاذهم أصنامًا يعبدون مع الله بأن هؤلاء الرجال الصالحين من قوم نوح لما هلكوا أوحي الشيطان إلى قومهم أن ينصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا ويسموها بأسمائهم فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك واندرس علم تلك الصور بخصوصها ، وانتشر الجهل عُبدت تلك الأصنام .
من هنا ندرك أن أصل عبادة الأصنام غلو في الصالحين سببه الجهل ، فقوم نوح حينما نصبوا التماثيل لصالحيهم لم يعبدوهم في أول الأمر وإنما نصبوا تماثيلهم لتذكرهم بأعمالهم الصالحة فيجتهدون في عبادة الله ، ولما كان هذا الصنيع على خلاف المشروع ومع مرور الزمن وانتشار الجهل أوحي الشيطان لقوم نوح فيما بعد إنما نصبت هذه التماثيل لتُعبد فدعوها من دون الله واستسقوا بها واستشفعوا بها واستغاثوا بها وذبحوا لها القرابين زاعمين أنها تقربهم إلى الله زلفًا كما قال تعالي { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [ الزمر : 3 ] ، فمشركوا العرب لم يكن شركهم إنكار وجود الخالق وإنما كان شركهم اتخاذهم الأصنام التي ترمز للصالحين آلهة يعبدونها مع الله وسيلة لتقربهم إلى الله ، فاعتقدوا أنها تنفع وتضر وتسمع وتجيب وهذا هو حقيقة الشرك في البشرية وإلى قيام الساعة ، فإذا نظرنا إلى البشرية المعاصرة حيث ثورة العلوم المتنوعة وتفتح العقول على كل شئ متاح هل تغيرت صورة الشرك الأولي عن الشرك في هذا العصر ؟ في الحقيقة الشرك هو الشرك سواء صعد الإنسان للقمر أو للمريخ فدعاء غير الله منذ بزوغ الشرك على وجه الأرض في قوم نوح هو دعاء غير الله في عصر العولمة واختراق الفضاء فالشرك هو الشرك ، فلا زال هناك في البشرية من يعبد قبور الصالحين ويدعوها من دون الله ويذبح لها وينذر لها وهناك من يعبد أحجارًا وتماثيل وأوثانًا وصلبانًا ، وهناك من يعبد نبيًّا يدعوه من دون الله ويعتقد فيه نفعًا وضرًا ، فلم يغير عصر العلم والعولمة وعصر التقدم التكنولوجي من حقيقة الشرك بل لازالت الملايين في العالم بأسره لا تعرف حقيقة الشرك وبالتالي لا تعرف الإله الحق الذي يستحق أن يُعبد ، ولما كان الشرك هو أخطر ما يهدد البشرية وأقبح المنكرات على الإطلاق اجتهد الأنبياء والرسل في بيانه وتحذير أقوامهم منه لأن ما دون الشرك وإن عظم جرمه أهون عند الله من الشرك لذلك قال تعالي {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } [ النساء : 116 ] فإن تقررت هذه الحقيقة عُلم سبب دعاء إبراهيم – عليه السلام – وخوفه على نفسه وعلى بنيه من الوقوع في الشرك فدعى الله جل وعلا أن يجنبه وبنيه الوقوع في الشرك ظاهره وباطنه ، فهل تنبه أحد منا أن يدعو بدعاء أبي الأنبياء ؟ أم نحن أقوي من إبراهيم إيمانًا ؟ كلا بل إننا لم نفقه بعد فقه دعوة الأنبياء ولما ندرك بعد حقيقة الشرك وخطره ، فصرنا نأمن مكر الله ونأمن ما يخافه الأنبياء على أنفسهم وبنيهم ، فهذا أبو الأنبياء وخوفه من الشرك ، وهذا سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم كان أكثر دعائه" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " وكان يُعلم أصحابه أن يدعوا : " اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه " .
فإلى أصحاب القنوت في قيام الليل الذين حولوا الدعاء في القنوت إلى نشرة أخبار محلية أو عالمية بإيحاءات نفهمها ويفهمونها !! أسوق لهم دعاء أبي الأنبياء ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليدعوا به في قنوتهم .
يا قوم أي شئ أعظم خطرًا وشرًّا وقبحًا يطلب من الله النجاة منه من الشرك ؟ وأي شئ أقبح من تردد الآلاف والمئات على أعتاب البدوي والدسوقي والحسين والسيدة والمرسي ... الخ يدعونهم من دون الله فيطلبون مددًا من البدوي ويطلبون شفاءً من الحسين ... الخ أإله مع الله ؟!!
وإني لأتعجب من الغرائب التي يأتي بها البعض وإن كان بعضها صحيحًا ليشغل بها الناس وينعم بها إبليس لأنها تصرف الجهود عن مقاومة الشرك ومظاهره ، فيشغل الدعاة بتصريح وزير أو بحديث عن بول النبي صلى الله عليه وسلم أو ختان الإناث - وهو ثابت ندبًا وليس وجوبًا - ، بل ربما انشغل الدعاة بالسياسات الخارجية والتحليلات الاقتصادية ، والشرّ أقرب لأحدهم من شراك نعله !!
إنني أقف كثيرًا حول دعاء إبراهيم - عليه السلام - وأزداد دهشة وعجبًا وتساؤلا ً هل نحن أفقه من الأنبياء أم أن دعاة اليوم بهم خلل واضح وجهل كبير بأعالي الأمور وأصولها ؟!!
إنني على يقين أن الأنبياء أفقه ، لذا فإنني أستغرب من كتاب تحت يدي الآن وقد طبعته مؤسسة دار الشعب لأحد شيوخ الأزهر الراحلين وهو د. عبد الحليم محمود حينما ألف كتابًا عن السيد البدوي فكتب في ص 36 قائلا ً :
ولم أبتدئ في كتابة شئ من الكتاب حتى ذهبت متعمدًا إلى طنطا استأذن السيد في الكتابة عنه وفي المقصورة المباركة بدأت الكتابة وخططت الأسطر الأولي من الكتاب هناك أ.هـ
إذن صدق الله وصدق إبراهيم – عليه السلام – حينما قال فيما ذكره الله عنه في كتابه العزيز { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ إبراهيم : 35-36 ] .
وأنا هنا لا أنزل حكم الآيتين السابقتين على عين شيخ الأزهر السابق ، فالله أعلم بسرائره ومقصده ، وإن كان تصرفه تصرفًا شائنًا شرعًا ، وهذا الذي يعنيني ولا يعنيني الحكم على عين الناس .
فمن أي دليل استقي شيخ الأزهر السابق الدليل الشرعي على استئذان جيفة عظام رميم ، وكيف يتم الاستئذان ؟ وكيف سيكون الإذن ؟ وهل سبق شيخ الأزهر أحد من الأئمة الأعلام ففعل فعلته ؟ لقد جمع البخاري ومسلم والنسائي والترمزي وابن ماجه وأبو داوود والإمام أحمد والإمام مالك وغيرهم من أئمة الهدي أحاديث سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعنا أن أحدًا ذهب ليستأذن رسول الله في كتابة حديثه أو في كتابة شمائله ، وإذا كانت هذه عقلية بعض شيوخ الأزهر الكبار ، واحد يزعم أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وآخر ذهب ليستأذن من السيد البدوي في قبره فكيف ستكون عقول الطلاب ؟!! اللهم رحمة بنا وصبرًا لا ينفد ، وصدق الله إذ يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } [ الحج : 73 ] فالبدوي لا يسمع ولو سمع لا يستجيب ولا يأذن ولا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا ولو اجتمع كل أصحاب أضرحة مصر " المنكوبة ببعض أهلها " ليخلقوا ذبابًا ما استطاعوا وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يقدرون على استرداده ضعف البدوي والدسوقي والحسين والسيدة والمرسي ... وضعف الذباب وكذلك ضعف من دعاهم من دون الله .